• L'horloge:
    03:23 PM
  • Date :
    Sunday 19 May 2024
  • Météo:
     
18449

الحركة الوطنية السودانية الحديثة (1898-1956م)

بدأ حديثاً الشعور القومي في السودان يتجلى وينمو منذ القرن التاسع عشر وظل في ازدياد مستمر مع قيام الثورة والدولة المهدية ووثبات التصدي لنظم الحكم الاستعماري من تاريخ السودان حتى نما الشعور القومي وبدأ يتوحد نحو محاربة المستعمر الذي يسيطر على البلاد بهدف القضاء عليه وإقامة وطن سوداني مستقل . وتدرجت مراحل الحركة الوطنية وتطورت أشكالها وأدوارها من المقاومة المسلحة والثورات القبلية والاضرابات فى المدن والمؤسسات العسكرية والتعليمية . وثم مرحلة تنشيط الحراك الثقافي والأدبي عبر تفعيل دُور الأندية وتأسيس الإصدارات الصحفية وأوعية النشر الأخرىبهدفنشر الوعي وخلق شعورقومي موحد لتحقيق مباديء الحرية ونبذ الظلم . ومرحلة دور الطبقات المستنيرة والخريجين من خلال أنشطة مؤتمر الخريجين وتأسيس العمل السياسي المنظم وتحت كيانات وتنظيمات سياسية ومرحلة قيام الأحزاب السياسية الوطنية السودانية والنقابات المهنية والعمالية واسهاماتها فى الحركة الوطنية . مروراً بالمرحلة الانتقالية وقيام الانتخابات وتكوين أول حكومة وطنية في المرحلة الانتقالية وإنشاء الأجهزة الدستورية والتنفيذية والتشريعية وسودنة الوظائف القيادية في الدولة مشتملة على ست مراحل منذ دخول الاحتلال البريطاني المصري حتى ميلاد دولة جمهورية السودان في الأول من يناير سنة 1956 م .

بدأت الحركة الوطنية الحديثة مع بداية الحكم الاستعماري الأجنبي خلال القرنين التاسع عشر والقرن العسرين متمثلة في اندلاع الثورة المهدية والالتفاف حولها والتأييد الكبير الذي وجدته حتى تحقق الانتصار وقيام الدولة المهدية.

ومع الاستعمار الثنائي الانجليزي المصري انطلقت مرحلة جديدة من الحركة الوطنية السودانية

فكانت البداية الأولى تتمثل في محاولات التصدي والمقاومة المسلحة للقوات الغازية وهي فى طريقها لاحتلال البلاد حيث دارت عدة معارك حربية مع القوات الغازية ومن أشهر هذه المعارك معركة النخيلة ومعركة كرري ومعركة ام دبيكرات . وأما بالجبهة الغربية فقد تصدت الممالك بمناطق غرب السودان في معركة دروتي ضد محاولات التغلغل الفرنسى للسيطرة على أقاليم غرب السودان ومقاومة سلطان مملكة دارفور في معركة برنجية بالقرب من الفاشر عاصمة المملكة ضد الاستعمار الانجليزي المصري .

وخلال العشرين السنوات الأولى أيضاً كانت المقاومة مستمرة ضد الوجود الاستعماري من خلال قيام ثورات القبائل في كثير من أنحاء السودان بالإضافة للثورات الدينية المتبنية للفكر المهدوي من أشهرها ثورة ود حبوبة عام 1908 م وثورة عبدالله السحيني بدارفور .

وجاءت المرحلة الثانية بتأسيس الجمعيات ذات الطابع الثقافي والأدبي نتيجة للعلاقات الاجتماعية الجديدة والروابط الوجدانية والشعور القومي بينها خاصة فى مناطق حركة الإنتاج الجديدة وفي المدن حيث أقبل السودانيون متسارعين نحو مؤسسات التعليم الحديثة وأنشأواهذه الجمعيات ومن أشهرها جمعية الاتحاد السوداني التي تأسست سنة 1918 م وجمعية اللواء الأبيض 1922 م وكانت من أهم النتائج لهذه المرحلة الحراك الثوري وقيام أول ثورة مدنية على مستوى السودان والتي عرفت بإسم ثورة اللواء الأبيض ولكن سلطات المستعمر قابلتها بقهر وعنف فاستشهدت فيها ثلة من الضباط والجنود والمدنيين السودانيين .

ثم تواصلت الحركة الوطنية فى الفترة من 1925 وحتى 1938 م. ونتيجة لسياسة المستعمر الجديدة التي تقوم على قمع وترصد حركة المقاومة والحركة الوطنية ابتكر السودانيون نوعاً آخر من المقاومة متمثلاً في العمل الثقافي والفكري والأدبي عبر دور الأندية والصحافة التي ظهرت فى هذه الفترة إلى جانب تواصل المظاهرات والإضرابات فى المؤسسات التعليمية ومن أشهر هذه الإضرابات إضراب طلاب كلية غردون التذكارية سنة 1931 م كما شهدت الحركة النسوية فى هذه المرحلة حضوراً واعياً برزت خلاله قيادات نسوية كان لها إسهام فاعل فى مسيرة الحركة الوطنية .

وفي المرحلة الرابعة من مسيرة الحركة الوطنية الحديثة تأسس مؤتمر الخريجين سنة 1938 م الذي اجتمعت فيه كلمة الخريجين من الجامعات والمدارس والمعاهد الفنية المختلفة وبرزت قياداته التي أذكت روح الرفض الوطني حيال قوى الاستكبار الأجنبي وأثبتسجل النضال الوطني للخريجين النصيب الأعظم في استقلال السودان . وفي عام 1942 م قدم المؤتمر مذكرته التى شملت رؤى سياسية تصب في اتجاه المطالبة بتقرير مصير السودان وحق السودانيين فى إدارة شأن بلادهم . وفي هذه المرحلة كان من أهم نتائج قيام مؤتمر الخريجين قيام الأحزاب السياسية الوطنية .

وخلال المرحلة الخامسة من الحركة الوطنية اضطلعت الأحزاب السياسية الوطنية بمهام عظام حيث انتظمت جموع السودانيين تحت رايات هذه الأحزاب الوطنيةوتوحدت الإرادة السياسية الوطنية صوب تقرير المصير ونيل الاستقلال والإجماع نحو القضايا المصيرية الكبرى والمضي قدماً في التوافق السياسي و الدستور الانتقالي و تكوين مؤسسات الدولة التشريعية والتنفيذية وسودنة الوظائف القيادية للدولة .

وفى المرحلة الأخيرة للحركة الوطنية السودانية الحديثة المعروفة بالمرحلة الانتقالية التي بدأت بعد توقيع حكومتي مصر وبريطانيا على اتفاقية الحكم الذاتي فى فبراير عام 1953م حيث دخل السودان بها مرحلة انتقالية استطاع السودانيون فيها من التوافق على إجازة أول دستور انتقالي للبلاد وإجراء أول انتخابات برلمانية في نوفمبر عام 1953 م وتأليف أول حكومة وطنية انتقالية في 9 يناير 1954 م بقيادة رئيس الوزراء اسماعيل الأزهري . وسودنة القوات المسلحة بتعيين أول قائد سوداني للجيش في 14 أغسطس عام 1954م . واستكمال خروج القوات البريطانية والمصرية من السودان . بالإضافة إلى سودنة بقية أجهزة القوات النظامية الأخرى . كما جرت سودنة الوظائف القيادية على كل مستويات أجهزة الدولة التشريعية والتنفيذية . وبإكمال هذه المهام خلال المرحلة الانتقالية استوفت المسيرة كل بنود اتفاقية الحكم الذاتي وجاء الاجماع فى الجلسة التي عقدها البرلمان السوداني في 19 ديسمبر 1955م على اعلان البرلمان الاستقلال داخل مقر البرلمان وتقرر أن يكون الأول من يناير سنة 1956 م هو يوم استقلال السودان عن بريطانيا ومصر ، فحُررت رسائل إلى كل من بريطنيا ومصر وأرسلت الدولتان اعترافهما باستقلال السودان وأُقيم رسمياً في صبيحة الأول من يناير 1956م احتفال بالقصر الجمهوري اُنزل خلاله علمُ مصر وعلمُ بريطانيا ورُفع علمُ السودان إيذاناً بجلاء الحكم الأجنبي وبدء الحكم الوطني . وتولى مجلس السيادة الأول مهامه بأعضائه: أحمد محمد يس ، أحمد محمد صالح، الدرديري محمد عثمان، عبدالفتاح المغربى وسرسيو ايرو، إلى جانب رئيس الوزراء اسماعيل الأزهري وبقية أعضاء حكومتهفي أول حكومة وطنية لدولة السودان المستقلة .

وهكذا استطاعت الحركة الوطنية بمراحلها المختلفة من تحقيق تقرير المصير للسودان وتوحيد الشعور والانتماء الوطني والتراضي والتوافق الوطني لإدارة الدولة تحت مظلة الوطن الواحد بسم جمهورية السودان .

Bulletin

Suivez-nous et regardez-nous pour vos encouragements! Découvrez les dernières nouvelles sur le site et les initiatives gouvernementales grâce à nos listes de diffusion.

à propos du Soudan

Hymne du Soudan