مقدمة :
منذ إستيلاء محمد على باشا على السودان سنة 1821 م ، أصبح السودان يخضع للحكم الإستعماري التركي المصري ( 1821 - 1885 م ) وتحت ولاية مصر . وكان يحكم السودان فى هذه الفترة حاكم يُلقب بحكمدار عام السودان . وتحولت العاصمة من عاصمة دولة الفونج ( 1504 - 1821 م ) سنار إلى مدينة ود مدنى وفى عهد الحكمدار عثمان بك جركس (1824 - 1825 م ) إتخذ مدينة الخرطوم مقراً له وبدأ في نقل الدواوين الحكومية من ود مدنى إلى الخرطوم تدريجياً حتى تم الإنتقال النهائي وإتخاذ الخرطوم عاصمة لإدارة حكم السودان في عام 1830 م .
- قصر الحكمدارية ( السـراي ) :
وضع الحكمدار محو بك أُورفلى ( 1825- 1826 م) أول بناء للقصر من الطين (اللبن) على شكل مستطيل خصصه كمقر لإدارة حكم السودان وسكناً له وكان يعرف بإسم ( سراي الحكمدارية ) وكان ذلك سنة 1825 م . ويقع قصرالحكمدارية على الضفة الجنوبية للنيل الازرق على بعد أقل من كيلومتر من ملتقى النيلين الابيض والازرق .
وفى عهد الحكمدار على خورشيد باشا ( 1826 - 1838م ) أُدخلت بعض الإضافات والتحسينات على مبنى قصر الحكمدارية وإكتمل سنة 1834 م . كما أنشأ مبنى المديرية ونقل إليه دواوين ومصالح إدارة الدولة وظل قصر الحكمدارية مقر إقامة الحكمدار وأسرته .
وقام الحكمدار عبداللطيف باشا عبدالله ( 1849 - 1851 م ) بهدم مبنى الطين ( قصر الحكمدارية ) وأعاد تشييده سنة 1851م مستعيناً بالطوب الآجر المنقول من بقايا خرائب مدينة سوبا الأثرية وبعض المبانى القديمة بأبى حراز الواقعتين على الضفة الشرقية للنيل الازرق . وتتكون ( السراى ) الجديدة من طابقين ومكحل بالحجارة من الخارج وبه جناح للزوار وجناح خاص بالنساء وتحيط به حدائق بها انواع مختلفة من الاشجار كالنخيل والعنب . وظل قصر الحكمدارية مقراً للحكمدار حتى قيام الثورة المهدية.
ومع بداية حكم دولة المهدية ( 1885 - 1898 م ) التى قضت على الحكم التركى المصرى وقتلت آخر الحكمداريين شارلس غردون على درج السلم بقصر الحكمدارية فى 26 يناير 1885 م .وبعدها بدأت فترة حكم وطنى وتم هدم مبنى قصر الحكمدارية وهجرت مدينة الخرطوم وتحولت العاصمة الى مدينة أم درمان على الضفة الغربية للنيل ، وأصبحت هي العاصمة ومقراً لحكم دولة المهدية ( بيت الخليفة ) حتى قيام الإستعمار الثنائي الانجليزي المصري .
فى فترة الإستعمار الثنائي الإنجليزي المصرى (1898 - 31 ديسمبر 1955 م ) أُعيد بناء الخرطوم مرة أُخرى لتكون عاصمة للسودان وقام هيربرت كتشنر باشا أول حاكم عام للسودان باعادة بناء القصر للمرة الثالثة سنة 1899م . وقام بناؤه على الأساس الحجرى لقصر الحكمدارية المهدم وفى عام 1900م إكتمل جزء كبير من مبنى القصر وأقام فيه الحاكم الثانى السير ريجنالد ونجت حتى اكتملت بقية المخطط العام لمنشآت القصر وملحقاته بحلول العام 1906 م . وشيد بالطوب الأحمر ( الآجر ) إلا أن أركانه بنيت بالحجر الرملى . ويتكون القصر من طابق أرضى وطابقين علويين وله ثلاث أجنحة جناح رئيسى يقابل النيل الأزرق ويمتد الي الناحية الشرقية والغربية وكما شيد جناحين بالجهة اليمني والاخر بالجهة اليسري يمتدان من الجناح الرئيسى الى جهة الجنوب ، والبناء كله يمثل نصف مربع وبعد بناء مبنى المديرية الى الغرب من قصر الحاكم العام ( وزارة المالية حالياً) انتقلت مكاتب السكرتير الادارى والمالى اليه . وظل قصر الحاكم العام مقراً وسكناً لحاكم عام السودان طيلة فترة الاستعمار الثنائى الانجليزى المصرى . وبلغت اتلمساحة الكلية للقصر فى خلال تلك الفترة ( 74000 ) متر مربع .
في الأول من يناير سنة 1956 م نال السودان استقلاله عن بريطانيا ومصر ، وتم إنزال علمى بريطانيا ومصر ورفع علم السودان فوق سارية مبنى القصر. وظل القصر المقر الرسمى لرئاسة جمهورية السودان ورمز السيادة الوطنية . وأصبح يعرف بإسم القصر الجمهورى . وبه مكاتب أعضاء مجلس السيادة وإدارات رئاسة الجمهورية . وكان لرئيس الوزراء مقر ومكاتب فى موقع آخر ( وزارة الشباب والرياضة حالياً ) . وفى فترة الحكومات الوطنية اللاحقة خصص كمقر لفخامة رئيس الجمهورية ونوابه ومساعديه ومستشاريه بعد إلغاء نظام المجلس الرئاسى الخماسى ( مجلس السيادة ). كما خصص الطابق الثانى كمضيفة رسمية لضيوف البلاد من الملوك والرؤساء عند زيارتهم للسودان حتى 1974م وبالإضافة لمواقع أخرى خارج القصر استخدمت أيضاً كمقار للضيافة . ويعتبر الرئيس الأسبق الفريق ابراهيم عبود الرئيس الوحيد من رؤساء السودان فى العهد الوطنى الذى سكن داخل القصر الجمهورى ، حيث شيد مقراً لسكنه فى الجزء الجنوبى الغربى من القصر الجمهورى سنة 1960 م .
وتم إضافة مساحات جديدة لمجمع القصر الجمهورى فى الجانب الجنوبى فى عام 1971 م ( ، كما تم إنشاء مبانى إضافية لادارات القصر والحرس الجمهورى وجراج السيارات داخل مجمع القصر الجمهورى فى الفترات الوطنية المتعاقبة على الحكم . ومؤخراً تم إضافة مساحات أخرى للقصر الجمهورى فى الجانب الشرقى لتصبح المساحة الكلية للقصر الجمهورى حالياً 150 ألف متر مربع .
كانت الحوجة لإنشاء قصر رئاسى جديد يُلبى إحتياجات ومهام ووظائف رئاسة الجمهورية لتواكب العصر والتطور التقنى وكانت هناك محاولات لإنشاء القصر الرئاسى الجديد خلال الحكومات الوطنية السابقة . وتم الإتفاق على إنشاء قصر رئاسى جديد إبان زيارة الرئيس الصينى خوجين تاو للسودان فى عام 2007 م . وتم توقيع عقد وإجازة تصميم مبنى القصر الرئاسى الجديد بعد إكمال كافة الدراسات الفنية حول المشروع فى عام 2009 م . كما تم توقيع عقد التنفيذ فى 25 نوفمبر 2010 م . وبدأ عمل المشروع فى مارس 2011 م . وأُفتتح رسمياً فى ليلة 26 يناير 2015 م على يد فخامة الرئيس المشير/ عمر حسن أحمد البشير ورُفع العلم فوق سارية القصر الرئاسى الجديد إيذاناً بإنتقال قيادة رئاسة الجمهورية للقصر الرئاسى الجديد .
الموقع :
يقع مُجمع القصر الجمهورى على الضفة الجنوبية للنيل الأزرق ويحده من الشمال شارع النيل ومن الجنوب شارع الجامعة ومن الشرق شارع أبوسن ومن الغرب شارع مهيرة ومنذ تخطيط مدينة الخرطوم وضع القصر الجمهورى ليكون نقطة تقسيم مدينة الخرطوم الى قسمين وقامت على جانبين من الشرق الغرب الوزارات والمصالح والدواوين الحكومية ومن الناحية الجنوبية المؤسسات الخدمية.
المساحة :
تبلغ المساحة الكُليَة لِمُجمع القصر الجمهوري ( 150) ألف متر مربع .
مكونات مٌجمع رئاسة الجمهورية :
- مبنى القصر الرئاسي الجديد ويقع فى مساحة قدرها ( 5300 ) متر مربع .
- مبنى القصر القديم يقع فى مساحة قدرها ( 1926 ) متر مربع .
- مبانى وكالة رئاسة الجمهورية وإداراتها .
- مقر الادارات فى الجزء الشرقي لمُجمع رئاسة الجمهورية .
- قيادة لواء الحرس الجمهورى .
- المتحف والمكتبة .
- الحدائق و المسطحات الخضراء .
- المسجد .